أمل وإرادة .... ولكـــن ! 2

نعم هنا كانت بداية النهاية ، لإن ما آلت إليه الأحداث بعد ذلك لم تكن تسر هذه الصورة أتضحت جلياً عندما أخبر الطبيب المعالج لــ نورا وبشكل يدفع
لــ الاستغراب من الطبيب عندما صرح وعلانية أمام سائر أهلها وقالها
من أول وهلة بــ أن نورا ستموت عاجلاً أم آجلاً ...!
فقد أهلها صوابهم وكاد هذا الغباء من الطبيب بـ أن يودي بــ حياة والدها وأمها إلى الهلاك ....
لاشيء أقسى من أتعلم أن أحد أبنائك أو أخوانك أوحتى إنسان عزيز عليك سـ تفقده في هذه الأيام
التالية ................
فاق والدها وأمها من هذه الصدمة وسألا هذا الطبيب فــ أخبرهم بـ أنها مصابة بـ مرضٍ نادر الحدوث
وليس كــ مثله في وطنها كله إلا حالة واحدة وهي أيضاً لــ فتاة ....!
زادت الحيرة وبقيت علامات الصدمة باقية على ملامح أبيها وامها و واصلا سؤال الطبيب
فــ اختصر الطبيب عليهم الأمر وقال لهما بــ أن مرضها يصنف على أنه
( توتر شديد في الشريان الرئوي ) وبحاجة إلى زرع رئتين وقلب ...!
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أوضح لها بـ أن الشفاء من مرضها يبقى
ممكناً ولكن بـ نسبة ضئيلة ، فــ من أين سـ يجد أهلها متبرع بـ قلب ورئتين
وأن يكون بــ نفس الجينات والخلايا وتلك معادلات طبية ...!
استسلم أبيها وأمها لـ الأمر وبقيت بهم حسرة الألم
شعروا بـ أن جزء منهم سـ يذهب عنهم في أي يوم ولحظة ...
فاقت نورا وعادت إلى وعيها وتحسنت حالتها تدريجياً وحاولت أن تعرف منهم
عن مرضها فــ أخفوا عنها حتى لا تيأس من الحياة وتبقى سعيدة ...
مضت سنتان وكبرت نورا و واصلت علاجها ولو إنه لم يكن يحسن من حالتها
وبدأ عقلها ينضج معها وفي ذات يوم أحست أمها بـ أنه يجب أن تخبرها
وتجعلها تتقرب من الله وتطلب رجائه فــ هو مولاها ونصيرها ...
عندما أخبرتها كان عمرها لا يتجازو الخامسة عشر ربيعاً
وكان هناك اعتقاد لدى أم نورا بــ أن ابنتها سـ تؤمن بـ قضاء الله
رد نورا عليها لم تكن تتوقعه ، فقد تقبلت نورا الأمر بــ هدوئها المعتاد
وقالت لوالدتها بــ أن مايأتي من عند الله هو محفوظ بـ القدر وعلينا
أن لا نيأس من رحمته ويظل الأمل حليفنا ....
أصيبت والداتها بــ الذهول من ما قالته ، فــ هذه هي المرة الأولى التي
عبرت عن سمو روح نورا التي تشع بـ النقاء والطهر ... وبدأ الأمل عنوانها
حمدت الله أم نورا وذهبت كل هواجسها فـ أسلمت هي وأبنتها أمرهما لله الذي
لا تضيع ودائعه .......
كبرت نورا مع مرضها الشديد ولم تكن في يوم بائسة من الدنيا أو حتى أنها بكت
لـ علمها أنها سـ تموت ، كانت إرادتها فوق كل شيء وأصبحت تلهج بـ ذكر الله وتدعيه
في الصباح والمساء فـ من يشفي غير الله ...
كبرت نورا والحلم الذي كانت تتمنى أن تحققه أقترب فقد أكملت نورا عامها الواحد والعشرين
وتم قبولها في الجامعة وبعد ثلاثة شهور من تسجيلها بــ الجامعة
مرضت نورا في بيتها وبدت في لحظات كـ أنها
على موعد مع الموت
نقلها أهلها إلى المستشفى وبقيت في غرفة العناية المشددة
وبعد مضي تسعة أيام تصارع الموت ويمر شريط ذكرياتها
من أمامها ، ويقترب اليوم الأخير
فــ يبدأ جهاز التخطيط على قلبها لا يستقيم بـ الخطوط التي يظهرها
وتبدو كأنها تودع أنفاسها ...
تنظر إلى أباها وتهمس له أدعو لي يا أبي
تغمر الدموع عيون أبيها فـ يضمها لـ صدرهِ
وتفيض روح نورا من ضلوعه
فــتعلوا صرخات أبيها وتنهمر دموعه
ويبكي كل من حوله في غرفة القدر
فـ لاشيء أعز من فقد عزيز عليك

كل العذر على الإطالة ولكن هذه القصة ذات وقائع حقيقية وليست من وحي خيالي
كتبتها ليس لـ أظهر إنسانة مثالية ولكن لــ هدف سامي تحكيه وهو الأمل والإرادة
حتى لو ابتلينا بـ أمراض أو تغيرت أحوالنا فـ إن الله هو ملجأنا في الدنيا والآخرة
ويبقى الأمل به وحده ، وإرادتنا نملكها لـ نجعل من السعادة دروب لنا نخطي فيها

دمتم بــ فــــــــــــــــرح